حصريا بالموقع

Fourni par Blogger.
dimanche 3 juin 2012

الجزائر مصدومة إزاء ظاهرة انتحار أطفالها في ربيعهم

أخذت ظاهرة انتحار الأطفال منحى خطيرا في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، ودق خبراء ونشطاء، نواقيس الخطر من الظاهرة التي تتوسع عاما بعد آخر، ودعوا إلى ضرورة التحرك لمحاصرة أسباب الظاهرة وإنقاذ أرواح البراءة.
وليد،كريم، يوسف، محمد، أسماء لأطفال في عمر الزهور اختاروا أن ينهوا حياتهم بطريقة تراجيدية، تاركين ورائهم أمهات ثكلى، وآباء حيارى مكلومين، وعلامات استفهام عريضة حول السبب الحقيقي وراء إقدامهم على الانتحار. ففي الشهر الماضي فقط، المتزامن مع عطلة الربيع المدرسية استفاق الجزائريون على أكثر من 15 حالة إنتحار وسط الأطفال من مختلف مناطق البلاد، وأكثرها مأساوية ماحدث في مداشر وقرى محافظة تيزي وزو(شرق العاصمة)، ثلاثة أطفال لم يتجاوز سنهم 12 عاما انتحروا وبطريقة متشابهة خلال 24 ساعة فقط ، وبعض الخبراء يعتقدون ان هؤلاء الاطفال اقدموا على الانتحار متأثرين بالسلسلة الكرتونية “المحقق كونان” التي تعرض على إحدى القنوات الفضائية المخصصة للأطفال.
المحقق “كونان” يقتل أطفالنا

فتيحة شرع، إعلامية جزائرية فتيحة شرع، إعلامية جزائرية
اختار الصادق (11عاما) شنق نفسه بحزام بدلة الكاراتي التي كان يمارسها، وعثر عليه جثة هامدة بغرفته في بلدية إرجن، ولم تمض إلا ساعات حتى انتحر الطفل زيدان (12 عاما) شنقا ببلدية تيزي راشد تقليدا لشخصيته الكرتونية المفضلة “المحقق كونان”وهو مسلسل يبرز كيف يمكن لشخص أن ينتحر بطريقة تمكنه بعدها العودة إلى الحياة ويتخلص من كل مشاكله، ويواصل ربيع تيزي وزو في قطف زهور البراءة، وهذه المرة تأتي الفاجعة من بلدية أغريب، عندما عثر على طفل آخر (11 سنة) مشنوقا على جذع شجرة في حدود التاسعة ليلا لتظل أسباب إقدام هذا الطفل على الانتحار غامضة ومبهمة، لكن مقربين منه أكدوا ولعه هو أيضا بالمحقق كونان.

غنية بن عبد الله أستاذة علم الاجتماع التربوي بجامعة خميس مليانة غنية بن عبد الله أستاذة علم الاجتماع التربوي بجامعة خميس مليانة
تقليد الأطفال للمحقق كونان ليس هو السبب الوحيد لقتل البراءة نفسها في الجزائر فقد كشفت أرقام المديرية العامة للأمن الوطني عن ارتفاع كبير تشهده الظاهرة في السنوات الماضية، حيث سجلت ذات المصالح إنتحار 41 طفلا في المدن بين سنة 2011 والثلاثي الأول من السنة الجارية، فيما فشل أكثر من 1200 طفل في الانتحار خلال ذات الفترة، وبالرغم ان أغلب التحقيقات في أسباب الانتحار تبقى مجهولة غير أن العديد من القرائن تشير إلى أن الاوضاع الاجتماعية والإهمال والنزاع العائلي بالإضافة إلى النتائج الدراسية أهم الأسباب الدافعة للانتحار لدى هذه الفئة.
البوعزيزي الصغير
وإن كان الرسوب والفشل الدراسي والفقر من الأسباب الدافعة للانتحار إلا أن حالة وليد الطفل المتفوق في دراسته والهادئ بطبعه من محافظة تيارت (غرب الجزائر) قد صنع الاستثناء، فقاده خطأ أستاذه في علامته، وإهانات مديرته التي تقدم إلى مكتبها يشتكى إليها خطأ معلمه في علامته وإصراره عليه. وأمام مرأى من زملائه، سكب الطفل النجيب مادة “الديليون” السريعة الالتهاب على جسمه داخل القسم، وأضرم النار في مشهد مأساوي أرعب جميع زملائه، انتقاما من أستاذه ورد فعل المديرة التي لم تكلف نفسها حتى سماع الطفل، ليرحل متأثرا بحروقه التي لم تشعلها ألسنة اللهب بقدر ما ألهبتها سوء معاملة وتعنيف المديرة لطفل هش المشاعر اختار التعبير عن رفضه للظلم ومعاقبة الظالم بطريقة مأساوية، لازالت تداعياتها مستمرة إلى الآن.
الحوار هو الحل
ويتساءل عبد السلام الذي وجدناه بقسم الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا في حالة يرثى لها عن الدوافع التي جعلت إبنه يقدم على الانتحار”كيف يفكر في الموت لسبب تافه”. وعن تفاصيل الحادث يقول عبدالسلام لـ DW لقد قام ابني بتكسير هاتفي المحمول، فهددته أمه بأنني سوف أضربه فرمى بنفسه من الشقة في الطابق الثالث”، ولحسن الحظ فإن عنتر(15 عاما) لم يمت، وأصيب بعدة كسور في الحوض وأطرافه العليا، وحالته مستقرة الآن. ولا يكاد يمر يوم دون أن تشهد مصالح الاستعجالات بمستشفيات البلاد حالات انتحار فاشلة لأطفال قرروا أن يرحلوا عن هذه الدنيا قبل أن يدخلوها.
وترى الإعلامية فتيحة شرع، ان ما حدث لأطفال تيزي وزو الثلاثة بسبب رسوم متحركة، “يحتم على الآباء مرافقة أبنائهم ومراقبة طبيعة المحتوى الذي يتلقونه، وللأسف الشديد فإن القنوات الفضائية وشبكة الانترنت أصبحت تعج بالأفلام والألعاب التي تشجع على العنف، وتقدمه في طريقة مغرية يستهويها الأطفال، ويسعون إلى تقليدها في واقعهم اليومي”، فالتلفزيون أحد أهم الوسائل التي يستقي منها الطفل تربيته وتهذيبه وسلوكه في مراحل عمره الأولى، وفي حالة ضعف الرقابة العائلية خاص عند المراهقين سوف تنعكس كل سلبيات التلفزيون على سلوكه وتصرفاته. توضح الاعلامية شرع.
من يدفعهم للانتحار؟
وتؤكد غنية بن عبد الله أستاذة علم الاجتماع التربوي بجامعة خميس مليانة أن بروز ظاهرة الانتحار لدى الاطفال في الفترة الأخيرة هو انعكاس للتحولات الخطيرة التي يشهدها المجتمع الجزائري خلال السنوات الأخيرة في شتى المجالات، وتعدد الأستاذة بن عبد الله دوافع الطفل لوضع حد لحياته وتقول لـ DW” إن التقليد يعتبر الدافع الأساسي لانتحار الأطفال، بالإضافة إلى القهر الاجتماعي والاقتصادي والنفسي الذي يعيشه أبناء الطبقات الفقيرة والمعوزة”.

 الفقر المدقع والاهمال الأسري يساهم في يأس الاطفال ويغذي ظاهرة الانتحار الفقر المدقع والاهمال الأسري يساهم في يأس الاطفال ويغذي ظاهرة الانتحار
وفي ظل غياب المساعدة سواء من طرف العائلة أو المجتمع، “يجد الطفل في الانتحار خياره المفضل للإنتقام من ذاته ومحيطه”، وحملت الأستاذ بن عبدالله جميع الأطراف مسؤولية ما يحدث، فالمنظومة التربوية أصبحت عاجزة عن القيام بالتنشئة الاجتماعية السليمة للتلميذ، وتضيف”الأسرة وأمام ضغط الحياة اليومية أهملت أبنائها وأقفلت في وجوههم أبواب الحوار، والسلطات عبر سياسات الحيف التي تفرز الفقر دفعت الأسر لاهمال الجانب النفسي لأطفالها، فضلا على تحمل كثير من الأطفال هموم الحياة عجز عن تحملها الكبار”.
ويحذر خبراء اجتماعيون ونشطاء في مجال حماية الطفولة، من زيادة عدد الأطفال المنتحرين في السنوات القادمة في ظل غياب أي مؤشرات إيجابية للحد من الظاهرة، ويقول عبد الرحمن عرعار رئيس الشبكة الجزائرية للطفولة في تصريحات صحافية ” أن الجزائر سوف تشهد المزيد من الأطفال ضحايا الواقع المأساوي الذي يعيشونه، في ظل ميلاد 3000 طفل سنويا بطريقة غير شرعية، ومحاكمة 11 ألف طفل كل عام في جرائم متعددة، وغياب مؤسسات الحماية والاسعاف الاجتماعي سوف يتحولون إلى قنابل موقوتة ستنفجر حتما إما في وجه المجتمع أو بداخلهم”.
توفيق بوقاعدة – الجزائر
مراجعة: منصف السليمي
الجزائر مصدومة إزاء ظاهرة انتحار أطفالها في ربيعهم
  • العنوان : الجزائر مصدومة إزاء ظاهرة انتحار أطفالها في ربيعهم
  • الوقت : 15:06
  • القسم:

شاهد ايضا

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Top